بين سارة وأريج
:
قالت سارة : تعلمين يا أريج أن الله تعالى خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني :
ذكرا وأنثى .. قال تعالى : ( وأنّه خَلق الزوجين الذكر والأنثى ) ( النجم : 45 ) .
والزوجان هما المقترنان اللذان لا يستغني أحدهما عن الآخر .. فالرجل والمرأة مقترنان
لتسيير عجلة الحياة ..
نعم .. الذكر والأنثى مخلوقان يشتركان في عمارة الكون كلٌ فيما يخصه ..
بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين .. فهما متساويان في المسئولية ..
فرسول الله – صلى الله عليه وسلّم – دعا النساء كما دعا الرجال .. وبايع
النساء على الدخول في الإسلام وبايع الرجال .. وصلى إماما بالرجال والنساء ..
وأفتى الرجال والنساء .. وكان الرجال والنساء يشيرون عليه ويقبل منهم ..
وكان الـ .. عندها صرخت أريج : كان يقبل مشورة النساء !! عجبا !!
وأبو بكر وعمر موجودان !!
سارة : نعم .. واستمعي إلى أم سلمة وهي تقضي برأيها على مشكلة كادت
أن تعصف بجيش كامل !! وهذا كله قبل قرون من اعتراف العالم الحديث للمرأة
بحقها في التعبير عن رأيها الخاص بها ..
أريج : كيف ؟!
سارة : لما خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – إلى مكة معتمرا ..
خرج مع ألف وأربعمائة من أصحابه ليعتمروا .. وذلك قبل فتح مكة ..
فكان أهل مكة يمنعون ويأذنون لمن شاءوا .. وصل – صلى الله عليه وسلّم –
مع أصحابه لا يريدون قتالا بل سيعتمرون كبقية الناس .. منعتهم قريش من دخول مكة ..
وكاد – صلى الله عليه وسلّم – أن يدخلها بالقوة .. لكنه عدل عن ذلك وأراد أن يكتب
بينه وبينهم صلحا ..
أرسلت قريش إليه عدة أشخاص للتفاوض معه حول بنود الصلح .. حتى جاءه
سهيل بن عمرو ليكتب الصلح معه .. فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – الكاتب
فجعل يملي عليه قال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ..
فاعترض سهيل قائلا : أما الرحمن .. فوالله ما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب باسمك اللهم ..
فغضب المسلمون وقالوا : والله لا نكتب إلا بسم الله الرحمن الرحيم ..
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : اكتب باسمك اللهم ..
ثم قال – صلى الله عليه وسلم – اكتب : هذا ما قضى عليه محمد رسول الله ..
فقال سهيل : لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ،
ولكن اكتب محمد بن عبدالله
فقال – صلى الله عليه وسلم - : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب محمد بن عبدالله
فقال – صلى الله عليه وسلم – اكتب : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ..
فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ..
فوافق النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك .. وكتبه .. فأراد سهيل أن يضيق
على المسلمين .. فاشترط : أنه لا يخرج من مكة مسلم يريد المدينة .. إلا رُدّ إلى مكة ..
أما من خرج من المدينة وجاء إلى مكة مرتدا إلى الكفر .. فيُقبل في مكة ..
فقال المسلمون : من جاءنا مسلما نرده إلى الكافرين !! سبحان الله كيف نرده إلى المشركين
وقد جاء مسلما .. لكن النبي – صلى الله عليه وسلم – وافق على هذا الشرط أيضا
فقال – صلى الله عليه وسلم - : أما من ذهب منا إليهم فأبعده الله .. ثم سكت
والنبي – صلى الله عليه وسلم – مفكرا .. وصالح النبي – صلى الله عليه وسلم –
قريشا على أن يعود المسلمين إلى المدينة .. ويعتمروا في العام القادم .. كان المسلمون
قد جاؤوا بإحرامهم متحمسين للعمرة .. ثم تفاجئوا أن قريشا تمنعهم بكل بساطة !! ..
كان الحزن يسيطر على نفوسهم .. فلما فرغ النبي – صلى الله عليه وسلم – من
كتابة المعاهدة التفت إلى أصحابه وأمرهم أن ينحروا الهدي .. وهو ما جاؤوا به معهم
ليذبحوه في عمرتهم من غنم وإبل .. وأمرهم أن يحلقوا رؤوسهم .. فتفاجأ الناس ..
الأصل أن يفعلوا ذلك بعد العمرة .. ولا تزال نفوسهم معلقة بها .. فتباطؤا عن الاستجابة
لأمره رجاء أن يتراجع عنه .. لكنه لم يتراجع .. وأخذ ينظر إليهم ينتظر تنفيذ الأمر ..
فلم يقم أحد !! فأعاد عليهم .. فلم يقم أحد !!
فضغب – صلى الله عليه وسلم - .. ودخل على زوجه أم سلمة .. فذكر لها أنه يأمرهم
ولا يطيعون !!
فقالت أم سلمة – رضي الله عنها - : يا نبي الله أتحب أن يطيعوك ؟ اخرج إليهم ..
ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة .. حتى تنحر هديك .. وتدعو حالقك فيحلقك .. فخرج
– صلى الله عليه وسلم – ومضى يمشي ساكتا حتى فعل ما اقترحته عليه أم سلمة ..
نحر هدية .. ودعا حالقه فحلقه .. فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا هديهم ..
فانظري كيف أن امرأة واحدة .. واثقة بقدراتها .. معتزة بفكرها .. لم تحتقر نفسها بل
أبدت رأيها .. وهم لم يحتقروها .. بل أخذوا بالرأي .. وعملوا به ..
أريج : والله كلام رائع ..
مساواة ..
سارة : نعود إلى ما كنا فيه : فأقول لكِ – أريج – إن الله تعالى ساوى بين الجنسين
الرجل والمرأة في كل شيء ..
إلا فيما تقتضي طبيعة الرجل والمرأة الافتراق فيه ..
فقال تعالى عن الرجال " إن الذين يبايعونك .. "
وقال عن النساء ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك .. )
وكذلك ساوى بينهما في المسئولية عن البيت
فقال – صلى الله عليه وسلّم – ( .. الرجل راع على أهل بيته .. والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ..
فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) متفق عليه .
وساوى بينهما في العبادة والتكاليف الشريعة : فأوجب الله على الرجل والمرأة تكاليف مماثلة ..
ساوى بينهما فيها ..
فالصلاة واجبة على الرجل وواجبة على المرأة على السواء خمس مرات ..
وصوم رمضان واجب عليهما جميعا .. والزكاة واجبة عليهما .. والحج واجب عليهما ..
بل إ ن الله خفف على المرأة أكثر من الرجل .. فأسقط عنها الصلاة والصيام أيام حيضها ونفاسها ..
وساوى بين الرجل والمراة في عمارة الأرض .. فكلاهما مأموران بالجد والعمل ..
كما قال تعالى ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) .. وهذا خطاب للرجال والنساء ..
وكلاهما مأموران بأنواع الطاعات .. قال تعالى : ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين
والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد
الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) ..
والرجل والمرأة على السواء مأموران بطاعة الله ورسوله
قال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) ..
بل إن نساء صالحات ضربن أروع الأمثال في الحرص على الطاعة وطلب العمل ..
والتحبب إلى الله تعالى بأنواع القربات ..
لسه باقى الاجزاء